في كل يوم، نركض وراء المهام، المواعيد، الرسائل، الاجتماعات، ونتفنّن في ملء ساعاتنا حتى لا يبقى وقتٌ فراغ. نُقنع أنفسنا أننا “مشغولون جدًا”، لكننا لا نتساءل: مشغولون بماذا؟ ولماذا؟

أحيانًا، لا يكون الانشغال حاجة… بل هروب. نهرب من التفكير في قرارات صعبة، من مواجهة مشاعر مؤلمة، من صوتٍ داخلي يطلب منّا التوقف، التأمل، وربما التغيير.

الانشغال المفرط يجعلنا نشعر بالأهمية، كأننا نُثبت لأنفسنا أننا “ننجز”، لكن الحقيقة أن الإنجاز لا يُقاس بعدد المهام، بل بقيمتها ومعناها. ما الفائدة من يوم مزدحم… إذا كنا نصل آخره فارغين من الداخل؟

الخطر أن نتحول إلى آلات تعمل بلا وعي. نُصبح أسرى لجدول لا يُشبهنا، وننسى أن الحياة ليست سباقًا، بل رحلة. وأن الراحة ليست ضعفًا، بل ضرورة.

خذ لحظة واسأل نفسك: هل أملأ وقتي لأنني أريد؟ أم لأنني أخشى ما قد أشعر به لو جلست وحدي؟ هل أُنجز لأتطور؟ أم لأتجنب مواجهة نفسي؟

التوقف أحيانًا هو الشجاعة. أن تجلس مع نفسك، أن تستمع لصوتك، أن تراجع اتجاهك… هذه لحظات لا تُقدّر بثمن. ففي السكون، نسمع الحقيقة. وفي الصمت، نكتشف أنفسنا.

لا بأس أن تكون مشغولًا، لكن تأكد أنك لا تهرب. فالركض لا يُنقذك… إنما يُبعدك عنك.